الأربعاء، 8 أبريل 2015

لماذا الكويت؟


لقد مرت ثلاثون سنة على زيارتي الأولى لدولة الكويت، وفي خلال العقود الثلاثة تلك أصبح الشأن الكويتي واحداً من همومي واهتماماتي، وتكونت صداقات، وأثمرت علاقات أدبية وفكرية وثقافية وأخوية.

أعترف بأنني وجدت في الكويتيين صفات حميدة كثيرة، وكانت تجاربي كلها ايجابية باستثناء حادث واحد في ابريل 2008 حينما تكالب الوشاة، واحتج على وجودي في الكويت أربعة سفراء عرب زعموا أنني أشن حملة على زعمائهم خلال زيارتي للديرة، وكانت الضغوطات شديدة على المضيفين الكرام، وشاء العلي القدير أن يأتي اليوم الذي يسقط فيه زعيمان من الأربعة، والثالث على مرمى حجر من السقوط.

الغريب أن أحد السفراء الذي احتج على وجودي ضيفا على دولة هو أيضا ضيف عليها، أصبح منبوذا، ويطالب الكويتيون بطرده، فزعيمه طاغية من الطراز الأول.

في الكويت وسلطنة عُمان أشعر بألفة شديدة، وبأمان لا مثيل له، ويغمرني أهل البلد، مضيفون وغير مضيفين بمودة كأنني بين الأهل والأحباب.

كتبت عن الكويت منذ صدور العدد الأول من ( طائر الشمال) في يونيو 1984، ووقفت مع أهل البلد في السراء والضراء، وكانت تجربة الاحتلال العراقي المحك الرئيس الذي فتح لي قلوب الكويتيين، خاصة أنني كنت الصحفي العربي الوحيد الذي طالب في قلب بغداد بحدود كويتية آمنة معترف بها من العراق، في وقت كانت الإشارة خفية إلى هذا الموضوع على مسمع من صدام حسين تعني العد التنازلي لقائله، حتى لو عاد إلى بلده.

توقفت عن الخوض في هموم الكويت لمدة عامين فقط إثر الأزمة التي حدثت في ابريل 2008 عندما مارست حقي الطبيعي كإعلامي وصحفي في توزيع مؤلفاتي، هدية مجانية، لتسعين من الإعلاميين الضيوف، وبطريقة متحضرة ولائقة وذلك بوضعها في غرفهم بالفندق.

لكن الدنيا انقلبت عاليها سافلها، واتصل الصحفيون بسفراء بلادهم زاعمين أنني أقوم بحملة ضد أسياد القصر ، الذين سقط منهم اثنان، ففي عالمنا العربي يظن الإعلامي أن زعيم بلده يتجسس عليه في فراشه، ويتسلل إلى أحلامه.

لم أكن على استعداد للكتابة وجرحي ما يزال غائرا، وهدأت العاصفة، واكتشف الكويتيون أنني كنت الأقرب إليهم من كل السفراء والإعلاميين الذين يزعمون أنهم حماة مصالح الكويت في بلاط الطغاة والمستبدين في الدول( الشقيقة)، وعادت الأمور إلى طبيعتها، فصداقة لنصف عمري لا يمكن أن تتعرض بسهولة لعاصفة إلا أن تكون في فنجان حتى لو اجتمع كل الوشاة على كلمة موحدة يصبونها في أذن مضيفي.

وكبرت الكويت مرة أخرى في عيني، واكتشفت معادن من ذهب لرجال وقفوا معي في حضوري وغيابي، كما كانت هناك قلة حائرة لا تعرف إن كنت أصبحت من المغضوب عليهم، أم أن الرباط الدافيء لا يزال متينا ومعقودا بين شغاف القلب فلا ينفك إلا بأمر الله.

هذه المدونة لبسط حقائق الهم الكويتي كما أراها، وطرح رؤيتي، والخوض في أمور وشجون ومواجع وأفراح وأحزان لعلها تساهم، ولو بقدر ضئيل في إزالة اللبس والغموض وسوء الفهم الذي كان لسنوات طويلة سمة مميزة تغطي على وضوح الصورة الحقيقية للكويت.

آمل أيضا أن تساهم كتاباتي مع المهتمين بالشأن الكويتي في تذليل العقبات، والتعريف بالثغرات، ووضع اقتراحات، وتوجيه نصائح أخوية، خاصة أن المسؤولين الكويتيين لا تأخذهم العزة إن جاءت نصيحة من خارج الوطن الصغير، وقد تم الأخذ برأيي عدة مرات في أمور مغرقة في المحلية والخصوصية، فزاد احترامي وتقديري للكويت والكويتيين.

وعلى الله قصد السبيل.

محمد عبد المجيد

رئيس تحرير مجلة طائر الشمال

عضو اتحاد الصحفيين الكويتيين

أوسلو النرويج

Taeralshmal@gmail.com