رائعة هي الكويت في كل زمان ومكان، في
السراء والضراء، في الحرية والاحتلال.
أيام قليلة قبل الاحتفال بذكرى يوم التحريرمتوافقا
مع العيد الوطني؛ استضافت الكويت مؤتمر إعادة إعمار البلد الذي حاول مسح الديرة من
على خريطة الخليج، فخرج أشاوس الطاغية أذلاء يجرون خيبة قائدهم المهيب، فقد كانوا لصوصا
ينهبون وليسوا أشقاء الشمال يأخذون الكويتيين في أحضانهم.
رائعة هي الكويت لا تعتدي ولا تحارب غيرها
ولا تتدخل في شؤون الجيران ولا ترسل أجهزة استخبارات لتصفية معارضين.
رائعة هي الكويت تتوسط بين الخصوم، وتنهض
صحة سمو الأمير به من أجل المصالحة حتى قبل ثلاثين عاما كان سموه الرجل الذي التفَّتْ
حوله سبع عشرة طائفة لبنانية ليصلح بينهم، فلم يكن وزيرًا للخارجية فقط، إنما كان
مدرسة للدبلوماسية الكويتية.
رائعة هي الكويت، تغضب على الفلسطينيين
الذين انحازوا لشيطان بغداد؛ لكنها تقف معهم في مطالبهم العادلة لوطن يعاني من
احتلال شرس رغم أن أبا عمار، رحمه الله، تعاطف مع القدَم الهمجية لجنود صدام حسين،
وهتف بتحيا الحرب، وتناسى أنه استنشق النضال من فوق أرض الكويت في منتصف
الستينيات.
رائعة هي الكويت لا تغدر ولا تنكث العهد
ولا تمزق ميثاقا ولا تقطع صلة الرحم العربية في أحلك الظروف.
رائعة هي الكويت فما تزال أحلام كثير من
العراقيين بعراقية الكويت من آثار ستين عاما تغلغل خلالها الوهم الهشّ، ومع ذلك
فهي تستضيف مؤتمر دعم جارة غدر بها جيشها وقيادتها وخيالات مهووسيها، وتتعهد بمبلغ
كبير لبلد ما تزال تعشش فيه الطائفية، ويسرق من خيراته أكثرالمسؤولين ثم يتوسلون
للكويت أن تعيد بناء ما دمروه.
رائعة هي الكويت فالعراق لم يسدد ديونه
كلها، فالأموال ذهبت إلى جيوب كثيرة من بول بريمر إلى نوري المالكي ثم تبرعت
الكويت بالمساهمة في إعمادة الإعمار.
رائعة هي الكويت فقد ظل العراقيون سنوات
طويلة يتهربون من تبيان مصير المختطفين والشهداء الكويتيين، وجاءت الكويت الكبيرة
تعرض على الحالمين بعراقيتها أن يتصالحوا مع أنفسهم ومع جيرانهم و.. الديرة ستتكفل
برأب الصدع.
رائعة هي الكويت فقد استقبلت بسماحة غادرين
ومحتلين ومنافقين ورجالا فيهم روح صدّامية، ولم يُقدموا معلومات أو يعرضوا مشروعا للعلاقة
الأخوية، حتى اللواء وفيق السمرائي لم يشر بكلمة عن الشهداء والمختطفين عندما كانت
الفرصة متاحة لانقاذهم.
رائعة هي الكويت فرئيس برلمانها يقف أمام
الدنيا كلها، ويطرد رئيس البرلمان الاسرائيلي، وعندما يعود إلى أرض الوطن يستقبله
سمو الأمير، فالكويت كانت وستظل خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية ولا يجرمنها
شنآنُ قوم وقفوا مع الغزو وتعاونوا مع مغول الشمال.
رائعة هي الكويت تحت قيادة آل الصباح
الكرام ولأكثر من قرنين يظل الثبات موقفا صُلبا لا تبتعد عنه القيادة الرشيدة، على
الرغم من محاولات الكثيرين سحب البساط من تحت أقدام أسرة عريقة حافظت على
الاستقلال والحرية والدستور، ولو تنازلت الكويت تحت أي ضغط، لا قدر الله، فستكون
هناك طائفية ومذهبية وتأثيرات السفارات وأصابع الجيران وقد فشلت كل المحاولات
الدنيئة لصناعة الفوضى بدءًا من محاولة اغتيال سمو الأمير في منتصف الثمانينيات،
رحمه الله، وحتى الصراع الخليجي على الشاطئين.
رائعة هي الكويت فعندما ظن البعض أن فصل
ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء ستكون توطئة لإضعاف الأسرة الحاكمة، ظل ولي
العهد ورئيس مجلس الوزراء من آل الصباح الكرام، وفشلت مؤامرة التمزيق في محاولة الفصل
بين المنصبين.
رائعة هي الكويت فأهالي الشهداء والمختطفين
يسددون من أموالهم لأهالي المحتلين، سابقا، ثقة منهم بسمو الأمير وقيادته لمؤتمر
إعادة إعمارالعراق، لعله يُلين قلوبا قاسية، ونفوسا غليظة، وتاريخا مشوها لا يقيم
احتراما لحدود أو عهودًا مع جيران.
رائعة هي الكويت ففضل استقرارها في مئتي
عام يعود لآل الصباح الكرام، ودستورها تحترمه السلطة قبل الشعب، وديمقراطيتها التي
يشرخها بين الفينة والأخرى نواب ومثقفون ومعارضون وديوانيون تظل في اليد الأمينة
لآل الصباح الكرام.
رائعة هي الكويت ففي محنتها وأزمتها وتدنيس
أرضها من الأقدام الهمجية، كان من بقي من آل الصباح الكرام جنودًا شجعانا، من
الشيخ نواف الأحمد وزير الدفاع إلى الشيخ فهد الأحمد الصباح الذي قاوم حتى
الشهادة.
رائعة هي الكويت ففي وعد سمو الشيخ جابر
الأحمد الجابر الصباح و سمو الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، رحمهما الله، تحررت
الكويت في الصدر والعقل والحلم قبل العودة بسبعة أشهر، وكانت كل صور الطائفية
والفُرقة والخصام والمذهبية والعتاب قد اختفت خلال مؤتمر جدة في منتصف أكتوبر
1990، وانبعثت بعثات الحرية في كل دول العالم، وانطلق العقل الكويتي المؤمن ببلده
يشرح ملابسات الاحتلال، وتقدم سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح في
نيويورك يُبكي الدنيا كلها وأحرارها وشرفاءها على مهد الديمقراطية في الخليج.
رائعة هي الكويت فقد خرج منها عميد
المقاومة الدبلوماسية والإعلامية الشيخ سعود ناصر الصباح، رحمه الله، وبفضل
عبقريته الدبلوماسية في أصعب ساحة إعلامية، تغير الرأي العام الأمريكي ليتعاطف مع
الكويت بعدما كان الأمريكيون يسخرون من دولة نفطية صغيرة فإذا بآل الصباح الكرام
يجعلونها كبيرة في المحافل الدولية.
رائعة هي الكويت وننتظر في يوم ذكرى
تحريرها أن يقف العراقيون كلهم دقيقة واحدة حدادا على شهداء وطن صغير رفض أن ينضم
لجمهورية الخوف العراقية، وبعد ثمانية وعشرين عاما من الغزو البغيض تقرر الكويت المساهمة
في إعادة إعمار بلد كان إلى وقت قصير تحلم قياداته ومناهج الدراسة فيه وأحذية
أشاوسته بمسح الديرة من على وجه الارض.
رائعة هي الكويت عندما تستضيف دولَ العالم
لمساعدة أبناء القتلة، وتخفي دموعها على أبنائها الشهداء.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 24 فبراير 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق